الضريبة التصالحية تُضعِف التعاملات النقدية وتعزِّز الشفافية البنكية
رغم أن الضريبة التصالحية التي شغلت الرأي العام المغربي في الأسابيع الأخيرة من سنة 2024 أصبحت جزءًا من الماضي، إلا أن تبعاتها لا تزال تلقي بظلالها على النقاشات في الأوساط المهنية والاقتصادية، خاصة بمدينة طنجة التي وُصفت بأنها الأكثر تفاعلًا مع هذه العملية.
مصادر مهنية أكدت لـ"وجدة 24" أن الضريبة التصالحية دفعت العديد من الأطباء والفاعلين الاقتصاديين بعروس الشمال إلى التخلص من مبالغ مالية كبيرة كانت محفوظة في خزائن مكتبية، تُستخدم لإتمام صفقات هامة واقتناء مقتنيات ثمينة بعيدًا عن أعين النظام البنكي.
ووفقًا لمصدر مقرّب من طبيب معروف بالمدينة، فإن هذا الأخير، الذي يدير استثمارات اقتصادية خارج نطاق تخصصه، قرر مؤخرًا إفراغ خزنة نقوده الحديدية، التي كانت تحتوي على ملايين السنتيمات، ووضعها في حسابه البنكي. هذه الخطوة جاءت لتجنب الأداءات الضريبية الثقيلة المحتملة ولتبرير مصادر أمواله عبر دفع نسبة تسوية بلغت 5%.
المصادر ذاتها أفادت بأن هذه الخطوة لم تقتصر على الأطباء فقط، بل شملت أيضًا محامين وتجارًا ومنعشين عقاريين وغيرهم من أصحاب المهن الحرة، مما يثير تساؤلات حول إمكانية فتح ملفات ضريبية جديدة لهذه الفئة في المستقبل.
وكان مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، قد أوضح في تصريح رسمي أن عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية مكّنت من تسجيل تصريحات ضريبية تجاوزت 127 مليار درهم، مع تحقيق عائدات بلغت أكثر من 6 مليارات درهم أضيفت إلى خزينة الدولة.
وأشار بايتاس إلى أن هذه العملية هدفت إلى تشجيع الملزمين على تصحيح وضعيتهم الجبائية عن أرباحهم غير المصرح بها قبل فاتح يناير 2024. وأضاف أن النتائج التي تحققت تجاوزت التوقعات، مما يعكس نجاح العملية في تعزيز الثقة بين الإدارة الضريبية والملزمين، وتحسين الامتثال الضريبي، إضافة إلى دعم الموارد المالية للقطاع البنكي لتعزيز دوره في تمويل الاقتصاد الوطني.
هذا التطور يُسلط الضوء على دور الضريبة التصالحية في تعزيز الشفافية المالية وإضعاف هيمنة التعاملات النقدية في السوق، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانضباط الضريبي وتعزيز الثقة في المنظومة المالية.