سباق الذكاء الاصطناعي يتسارع: "أوبن إيه آي" ترد على "ديب سيك" بمزايا مبتكرة في "شات جي بي تي"

في ظل المنافسة المحتدمة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة "أوبن إيه آي" عن إطلاق ميزتين جديدتين في نموذجها الشهير "شات جي بي تي"، وذلك كرد سريع على التحديات التي أثارتها الشركة الصينية "ديب سيك" بإطلاقها نموذجًا منافسًا. هذه الخطوة تعكس تصاعد وتيرة المنافسة بين الشركات الأمريكية والصينية في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي طالما سيطرت فيها الشركات الأمريكية على الصدارة.

"أو 3-ميني": نموذج مصغر يعزز التفكير المنطقي

أطلقت "أوبن إيه آي" في نهاية يناير الماضي نموذجًا مصغرًا لـ"شات جي بي تي" تحت اسم "أو 3-ميني" (o3-Mini)، والذي يقدم تجربة محسنة من حيث الكفاءة والسرعة مقارنة بالإصدارات السابقة. هذا النموذج الجديد، وإن كان أقل قوة من "أو 1" الذي أطلقته الشركة في عام 2024، إلا أنه يتفوق على الإصدارات المجانية من "شات جي بي تي" من حيث القدرة على التفكير المنطقي وحل المشكلات بخطوات تحاكي آلية تفكير البشر.

يتميز "أو 3-ميني" بقدرته على تقديم إجابات أكثر دقة وجودة، خاصة في المهام التي تتطلب تفكيرًا تحليليًا، مثل حل المسائل الرياضية أو كتابة الأكواد البرمجية. هذه الميزة تجعله خيارًا مثاليًا للمستخدمين الذين يبحثون عن توازن بين القوة والتكلفة، خاصة مع توفيره مجانًا للمستخدمين.

"البحث العميق": تعزيز القدرات البحثية

في خطوة أخرى لتعزيز قدرات "شات جي بي تي"، أطلقت "أوبن إيه آي" ميزة "البحث العميق" (Deep Research) في الثاني من فبراير الجاري. هذه الميزة تهدف إلى تمكين المستخدمين من إجراء بحوث متعمقة في مختلف المجالات، سواء كانت أكاديمية أو عملية، مثل اتخاذ قرارات شراء معقدة أو تحليل البيانات.

تعمل ميزة "البحث العميق" كمساعد بحثي متقدم، حيث تقوم بجمع المعلومات من مصادر متعددة وتلخيصها بشكل مفصل، مما يوفر للمستخدمين نتائج دقيقة وشاملة. ومع ذلك، فإن هذه الميزة متاحة حاليًا فقط لمستخدمي النسخ المدفوعة من "شات جي بي تي"، مع تحديد حد أقصى يبلغ 100 عملية بحث شهريًا بسبب الاستهلاك الكبير للموارد الحاسوبية التي تتطلبها.

تطورات تعزز مكانة "شات جي بي تي"

تمثل الميزتان الجديدتان نقلة نوعية في قدرات "شات جي بي تي"، حيث تعززان استخداماته في المجالات الأكاديمية والمهنية. فمع "أو 3-ميني"، أصبح النموذج أكثر قدرة على التعامل مع المهام التي تتطلب تفكيرًا منطقيًا، بينما تملأ ميزة "البحث العميق" الفجوة التي كانت موجودة في الإصدارات السابقة، والتي كانت تقدم إجابات سطحية في بعض الأحيان.

رد مباشر على "ديب سيك"

يأتي إطلاق هذه المزايا كرد سريع على النجاحات التي حققتها "ديب سيك" في تقديم نموذج ذكاء اصطناعي قادر على التفكير المنطقي بشكل مجاني. هذه الخطوة تعكس مدى حدة المنافسة بين الشركات الأمريكية والصينية، والتي قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي.

بينما تتسابق الشركات لتقديم المزيد من الابتكارات، يبدو أن المستفيد الأكبر هو المستخدم النهائي، الذي سيحصل على أدوات أكثر تطورًا لمساعدته في مختلف جوانب الحياة العملية والأكاديمية.