عاجل

الموقع الإلكتروني وجدة 24 وهويته البصرية الكاملة وصفحاته على مواقع التواصل الإجتماعي وبرمجته ومنصته... معروضة للبيع - إتصل على 0709043888

الصين تُحدث صدمة تكنولوجية: "ديب سيك" تُعيد تعريف قواعد المنافسة في الذكاء الاصطناعي وتُهدد الهيمنة الأمريكية

author image

الصين تُحدث صدمة تكنولوجية: "ديب سيك" تُعيد تعريف قواعد المنافسة في الذكاء الاصطناعي وتُهدد الهيمنة الأمريكية

في تطور مفاجئ هز أسواق التكنولوجيا العالمية، أعلنت الشركة الصينية الناشئة "ديب سيك" عن إطلاق نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي (DeepSeek-R1)، الذي تفوق بأدائه على النماذج الأمريكية الرائدة مثل "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، وبتكلفة تدريب لم تتجاوز 5.6 ملايين دولار فقط. هذا الإنجاز التكنولوجي البارز، الذي جاء رغم العقوبات الأمريكية المشددة على قطاع التكنولوجيا الصيني، أثار موجة من الصدمة في الأسواق المالية الأمريكية، حيث تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل ملحوظ، مع خسارة مؤشر "ناسداك" نحو 3.1% من قيمته، وتراجع سهم "إنفيديا" بما يعادل 600 مليار دولار من قيمته السوقية.

تحدي التفوق التكنولوجي الأمريكي

يرى الخبراء أن هذا الإنجاز الصيني يعكس تحولاً جوهرياً في المشهد التكنولوجي العالمي، حيث تمكنت "ديب سيك" من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي متقدم بتكلفة لا تتجاوز 1% من تكلفة النماذج الأمريكية المشابهة. هذا التطور يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى استمرارية الهيمنة التكنولوجية الأمريكية، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي كأحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي والابتكار.

وفي رد فعل سريع، أعلنت الولايات المتحدة عن إطلاق مشروع "ستارغيت" (Stargate)، وهو شراكة إستراتيجية بين شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى مثل "أوبن أيه آي" و"أوراكل" و"سوفت بنك"، باستثمارات تصل إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2029. يهدف المشروع إلى تطوير بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي، إلا أن نجاح "ديب سيك" في تحقيق نتائج تنافسية بميزانية محدودة يُعيد النظر في معايير التفوق التكنولوجي.

تصادم المصالح الجيوسياسية والاقتصادية

يشير التراجع المؤقت في الأسواق المالية الأمريكية إلى أكثر من مجرد رد فعل على التطور التقني الصيني، حيث يعكس هذا التطور تصادمًا بين إستراتيجيتين مختلفتين: الإستراتيجية الصينية التي تعتمد على تطوير حلول مبتكرة رغم العقوبات، والإستراتيجية الأمريكية التي تسعى إلى عرقلة التقدم التكنولوجي الصيني من خلال حظر تصدير الرقائق المتطورة وزيادة الاستثمار الداخلي.

فبينما أنفقت الصين نحو 41 مليار دولار على معدات تصنيع الرقائق في عام 2024، وهو ما يمثل 40% من الإنفاق العالمي، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز استثماراتها الداخلية في البنية التحتية التكنولوجية، خاصة في "وادي السيليكون". ومع ذلك، تمكنت الصين من تجاوز بعض القيود الأمريكية عبر تطوير بدائل محلية واستخدام قنوات غير رسمية للحصول على التكنولوجيا المحظورة.

تحديات أخلاقية وأمنية

إلى جانب التحديات الاقتصادية، تبرز مخاوف أخلاقية وأمنية مرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تُعاني النماذج الحالية من مشكلات مثل الاستجابات المضللة والتحيزات العميقة النابعة من البيانات التي تدربت عليها. كما تثير هذه التقنيات مخاوف من إمكانية استغلالها في الهجمات السيبرانية المعقدة، خاصة مع تزايد اعتماد القطاعات الحيوية على الذكاء الاصطناعي.

تداعيات واسعة النطاق

لا تقتصر تداعيات صعود "ديب سيك" على الأسواق المالية فحسب، بل تمتد إلى قطاعات أخرى مثل العملات الرقمية، حيث أدى تراجع أسهم التكنولوجيا إلى موجة بيع في سوق العملات المُشفرة، مع انخفاض قيمة عملة "البيتكوين" بنسبة 5%. كما قد يدفع هذا التطور المستثمرين إلى إعادة النظر في إستراتيجياتهم الاستثمارية، مع التركيز على الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين.

دروس مستفادة

يُظهر نجاح "ديب سيك" أن التفوق التكنولوجي لم يعد مقتصرًا على التفوق في الإنفاق، بل يعتمد أيضًا على القدرة على تحسين الكفاءة وتجاوز القيود الهيكلية. هذا التحول قد يستدعي إعادة النظر في النظريات الكلاسيكية للهيمنة التكنولوجية، حيث تشير التطورات الأخيرة إلى إمكانية أن تقوم الاقتصادات الناشئة بإعادة تشكيل دورة حياة التكنولوجيا عبر آليات مثل الابتكار التكيفي.

في النهاية، يُعد صعود "ديب سيك" إشارة قوية إلى أن المنافسة التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة قد تدخل مرحلة جديدة، حيث لم يعد التفوق يُقاس بالابتكار التقني وحده، بل أيضًا بالقدرة على ضمان الشفافية والأمان والحيادية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.